آخر الأنباء

« »

الأحد، 1 يونيو 2014

و الآن بعد ان اصبحت رئيسي




اسمح لي سيادة الرئيس ان اتقدم لفخامتكم بخالص التهنئة  علي ثقة هذا الشعب الغالية.  أكتب اليك خطابي هذا بعد ان وضعت الورقة التي دونت عليها صوتي في صندوق الانتخابات، و قبل اعلان النتيجة بساعات كثيرة.  

عذرا سيادة الرئيس، فصوتي لم يكن لسيادتكم، بل كان صوتي متسقا مع موقفي، و مع ما كنت انادي به منذ ان لبيت النداء يوم 30 يونيو، لقد كان صوتي للنظام البرلماني، الذي سأظل انادي به طالما كانت تلك قناعتي.

هذا يعني ان صوتي لم يكن ضد شخصكم، بل صوتي كان ضد نظام الحكم الرئاسي الذي هو من وجهة نظري سيزيد من الآثار السلبية للانقسام الذي بات واضحا انه موجود، و اطل براسه في الانتخابات الرئاسية التي منحتك سلطة حكم البلاد.

أتحدث عن الانقسام الذي ظهر جليا من عدد الذين ادلو باصواتهم و الذي جعل نسبة الحضور اقل من ما هو كان متوقعا.  بتحليل بسيط يا سيادة الرئيس ستجد ان هناك فئات عديدة امتنعت عن التصويت في الانتخابات و لكل اسبابه اسوقها هنا من وجهة نظري المحدودة و من واقع خبرتي الشخصية بالشارع المصري و عملي بالسياسة تحت جميع الانظمة السابقة منذ عام 2002 و حتي اليوم:

الفئة الاولي هم مؤيدي النظام السابق (الاخوان) و هم عدد غير قليل،  و الذين اعطوا اصواتهم للرئيس المعزول و لم يقتنعوا باسباب عزله، بل ايدوه يوم ان اصدر اعلانه الغير دستوري الذي افقده شرعيته، و ادي حتما الي الاحداث التي تلت هذا الاعلان.

الفئة الثانية هم الشباب و الثوريين و الذين رءوا في ترشحكم عودة لدولة ما قبل 25 يناير و التفافا علي الديموقراطية.  و من المؤكد ان انضمام عدد كبير من رموز النظام الاسبق، نظام ما قبل 25 يناير لدعمكم و تزايد حدة النقد لتلك الثورة  في الاعلام بصورة عامة، ساعد علي تنامي هذه الفئة  حتي خارج اطار ما يعرف بالتيار الثوري.

الفئة الثالثة هم من شعروا بأن نتيجة الانتخابات باتت محسومة، مما ولد لدي قطاع ليس بصغير من المؤيدين المحتملين شعور بالاطمئنان للنتيجة و بالتالي فتر حماسهم للنزول.  هذا يفسر الفارق العددي بين من وقفوا ضد الاخوان في 30 يونيو و من ذهبوا لصناديق الاقتراع، حيث انهم استشعروا وقتها الخطر الحقيقي، و لكن عزفوا عن النزول للادلاء بأصواتهم.

و بأضافة نسة المبطلين لاصواتهم، و التي هي ليست بالقليلة،فأننا نري صورة لشعب منقسم حول قضايا عدة. و نخطئ كثيرا عندما نصور ان هذا الانقسام ينحصر بين تيار الاخوان و تيار المدنيين او الليبراليين.  ان انقسام المصريين اكثر بكثير و اشد تعقيدا من ذلك.  نحن اصبحنا شعب منقسم حول الايديولوجيات، و لكن ايضا انقسمنا حول الوسائل و اسلوب الادارة.   المفارقة هنا، ان هذا الانقسام من وجهة نظري هو شيء حميد جدا، فالبرغم من ان نتيجة الانتخابات كانت محسومة، الا ان الحوار حول القضايا كان ساخنا جدا. ان ذلك الانقسام بات مؤشرا علي وعي سياسي بدء ينضج لدي جميع طوائف الشعب.  و عليك يا سيدي ان تحسب حسابه.

ان الشعب المصري، قبل 25 يناير، كان من اسهل الشعوب في حكمها، و لكنه انتفض و اصبح من اصعب الشعوب التي يمكن ان تحكم.  المهمة صعبة و التحديات كبيرة، و لكنها ليست مستحيلة... بشروط!!

اولا تنحية فورية لمسمي الانقسام، و اعادة النظر اليه علي انه اختلاف محمود ناتج عن وعي سياسي. عندئذ يمكن التعامل معه عن طريق ترسيخ آليات و قواعد الديموقراطية  المستقرة في العالم اجمع.  ان الاختلاف يا سيادة الرئيس هو سنة الحياة. و لابد من العمل علي خلق آليات ادارة الحوار بين الفئات المختلفة ، و اعادة النظر في مفهوم " نبذ الخلاف هو السبيل الوحيد للاستقرار"،  في مقابل قبول هذا الاختلاف و الاعتراف به و العمل علي خلق قنوات للجميع للتعبير بحرية عن آرائهم المختلفة.

ثانيا اتمني ان تكون اولي خطواتكم سيادة الرئيس في الحكم، هي ترسيخ مبادئ الديموقراطية و مد يدك بالفعل لمن عارضوك قبل من ايدوك، اتمني سيادة الرئيس ان تدعم آليات الديموقراطية من تقوية الاحزاب و تشجيع تداول السلطة و ان يتم تفعيل ذلك بقانون انتخابات برلمانية ينتج لنا برلمانا معبرا بحق عن اردة الامة علي اختلافاتها.

سيادة الرئيس، ان الاستقرار المنشود سيتحقق عندما يثق كل مواطن علي ارض مصر في ان له من يمثله بحق تحت قبة البرلمان، و انه حر في اعتناق و ترويج فكره السياسي و الايديولوجي بحرية تسمح له نشر هذا الفكر من خلال احزاب سياسية تمثله، وقتئذ سيصبح الميدان السياسي هو حلبة المنافسة الديموقراطية و ليس ميدان التحرير.



و اخيرا، وفقك الله و ايدك من اجل العمل علي رفعة هذا الوطن و مجده