آخر الأنباء

« »

الخميس، 8 سبتمبر 2011

و هنا مكمن الخطورة

 

اقف على النقيض من فكر الاخوان و بالأخص مشروعهم الذي يتخذ من مصر محطة في مشروع و ليس كل المشروع الذي هو دولة “اسلامية” موحدة.  مع هذا، انا احترم ان لهم رؤية، قد اختلف معها، و لكنني احترم المناديين بها، فأنا لا اطعن في وطنيتهم او اخلاصهم و لا في اعتقادهم بأن مشروع النهضة الاسلامي الذي ينادون به هو الاحسن لمصر. المشكلة انني لا ارى ذلك.

مبدئيا، مشروع الاخوان هو مشروع من صنع البشر، و ليس مشروع الهي منزل، و صبغته بالصبغة الربانية هو مناورة سياسية اكسبته شعبية عند العامة.  نعم لم يدعى احد من الاخوان ( او على الاقل من قيادتهم) ان المشروع الهي، و لكن امتناعهم عن تأكيد ان مشروعهم مشروع من صنع البشر، مثله في ذلك مثل مشروع حزب الوفد مثلا، اعطى صبغة دينية ربانية لذلك المشروع عند العامة، و اكسبه رصيد من الشعبية على البرامج الاخرى المطروحة، و هذا اول مأخذ آخذه على اسلوب الاخوان.

و لكن المأخذ الاكبر و الاهم، هو كيف ينفق الاخوان  هذا الرصيد الشعبي الهائل الذي اغتنموه بفضل اختلاط الرباني بالإنساني عند العامة،

من حق الاخوان مثلهم مثل اي فصيل سياسي السعي للحكم، هذا حق اصيل لا ننكره عليهم،  و لكن ننافسهم عليه، و هذا حق اصيل لنا ايضا، انا لا ازايد عليهم كفصيل سياسي من حقة ان يستخدم كل الكروت المتاحة لديه للوصول الى تحقيق اهدافه التي يراها هو مشروعة. و لكن من حقنا ايضا ان نستخدم اهم كرت في ايدينا و هو مناظرتهم مناظرة الند للند، و ليس على اساس ان برنامجهم الهي، و برامجنا بشرية.

أنا على يقين ان الاخوان لا يطمعون في السلطة التنفيذية في الوقت الحالي، على الاقل ليس منفردين، و انا اتفهم هذا الموقف كسياسي، حيث ان الحكومة القادمة ستكون حكومة في مأزق حقيقي فمن المؤكد انها لن تستطيع تحقيق طموحات الشعب في فترة حكمها و بالتالي ستنال سخط الناخبين مما سيؤدي الى فشلها في الانتخابات التالية.  اتخيل ان هدف الاخوان الحقيقي هو السلطة التشريعية، و اتصور انهم سوف يسعون للسيطرة على البرلمان القادم بنسبة مريحة و لكن ليس بالأغلبية الظاهرية، اثق انهم سيلتزمون بالنسبة التي اعلنوا عنها و هي التي لن تتعدى الثلث الا بقليل، و قد تصل الى اقل من النصف، و لكن سيسعى الاخوان للسيطرة على انجاح الثلث الثاني مما يضمن لهم تمرير ما يريدون من قوانين في الفترة القادمة.

و سيعمل الاخوان ايضا على تهدئة الرأي العام بخصوص تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة دستور البلاد، فما نغفله جميعا، ان الدستور الذي ينص على مدنية الدولة، لا يقف حائلا ضد مشروع الاخوان، فمن الممكن تطبيق كل ما يريده الاخوان بالرغم من وجود دستور ينص على مدنية الدولة. 

ماذا يريد الاخوان اذا؟

سيعمل الاخوان على فك كل الخيوط و الاواصر التي تربط مصر بالغرب، و اعادة شبكها بالدول التى تشترك معهم في المشروع الاكبر، و ذلك سيتم عن طريق سن بعض القوانين البسيطة، كمثل الدفة الصغيرة التى تعيد توجيه السفينة الكبيرة.

اول هذه القوانين سيكون منع ما سيسمونه بالعري على الشواطئ العامة، و سيتم تحت شعار العادات و التقاليد المصرية، مما سيكسبه شعبية و يضمن عدم وجود مقاومة لتمريره.  تبعات هذا القانون هي القضاء على السياحة الواردة لمصر من الغرب، فاعتماد مصر على السياحة الغربية هو اهم الروابط التي ذكرتها اعلاه.

الرابط الثاني، هو فك اي اعتماد لاقتصاد مصر على الاقتصاد الغربي (الاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة تحديدا) و الحل هنا هو اصدار تشريع يهدم البنية التحتية المالية عن طريق تحريم الفوائد الربوية، و هذا ايضا سيكون قانون سهل التمرير في البرلمان عن طريق الاغلبية التي ستؤول لهم.  و من توابع هذا القانون، ان الاقتصاد المصري سينفتح اكثر على دول مثل السعودية و ايران و يرتبط بها اكثر من ارتباطه بالغرب كما هو الحال حاليا.

ان تحقيق ذلك سيعد مسرح الاحداث في مصر لتقبل خطوات أكثر جرأة و صراحة في التوجه نحو النظام الوهابي الذي يمثل اصل المشروع الاساسي لدولة الخلافة، و الذي قام عليه فكر الاخوان على يد مؤسسها الشيخ حسن البنا.

بقى ان نذكر، ان مجرد البدء في هذا المشروع يجعل العدول عنه شبه مستحيل، اذا نجح الاخوان في تحويل الدفة، فلا سبيل للوصول الى الدولة المدنية الحديثة التى ننادي بها كليبراليين.  انا لا أطالب بالحجر على مشروع الاخوان، و لكنني اطالب بالمصارحة و المكاشفة، يجب علينا مناظرة الاخوان في خطتهم و برامجهم، هم يتحملون مسئولية انهم التيار الاكثر تواجدا على الساحة، مما يلزمهم بالإفصاح عن تفاصيل ما ينوون عمله، حتى وان لم يطالبهم الشعب بذلك.

على الجانب الآخر، ادعو الناس بعدم الانشغال بقضايا اخرى غير هذه القضية، دعونا مما نحن فيه الآن من الانشغال بقضايا فرعية و التركيز على قضية الانتخابات، و ما ستسفر عنه، و يجب الا نجعل مهمة اي جهة فيها سهلة، فيجب على من سيفوز في الانتخابات القادمة ان يكون قد قدم للشعب برنامجا واضحا لا يقبل التأويل و التفسير فيما بعد، دعونا لا ننخدع بمعسول الكلام، فالوقت يداهمنا.