آخر الأنباء

« »

الأحد، 30 مارس 2008

مواطن ام مقيم

عجبت لامر هذا الشعب، الشعب المصري الذي انا منه و هو مني، لكن عصى علي استيعاب ما نحن عليه الآن.

عندنا عادة غريبة، و هي التأقلم مع وضع يتزايد في السؤ، فكلما زاد الوضع سؤا نبدء بالندب و العويل، ثم سرعانا ما نعود و نتأقلم على الوضع الاسوأ و ندعو الله ان يكون هذا هو القاع، و نتمنى الا نهبط اكثر في المستنقع الذي نحن فيه، و الغريب اننا لا نتعلم ان هناك دائما وضع اسوأ، و اننا لا يجب ان نتعامل مع الوضع علي ان بكرة احسن لان بكرة لن يكون أحسن من "نفسه كدة". ان ما سوف نحصده غدا هو ما زرعناه اليوم. و زرعة السلبية و التواكل و الاعتماد على اوهام كاذبة بأن الله سينصرنا و "يعدلها" لن تثمر عن اي شيئ، و سوف يأتي الغد و نكتشف ان الوضع يزداد سوءا و ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم،

المصريون رضوا لانفسهم كم من الاعذار لا نهاية له، هذه الاعذار معلبة، سريعة التحضير و جاهزة للاستخدام عند اللزوم. غالبا ما يأتي هذا اللزوم في مواسم الانتخابات. لقد عزف المصريون بشكل كبير عن المشاركة في ادارة امور هذا الوطن، و تاتي الاعذار مبررة لهذا العزوف مثل : التزوير و البلطجة و مفيش فايدة، و هو يعني صوتي اللي هيفرق وصولا الي الاعذار المنغمسة بالسلبية مثل: أهو اللي نعرفة احسن من اللي منعرفوش، و مين تاني يقدر، و اخيرا و هذا هو العذر الاغرب و الانكى: اهو على الاقل عندهم خبرة كذا سنة بدل ما ييجي حد تاني يجرب!!!!!!

الم نتجرع آثار هذه الخبرة سنيين طوال من محسوبية و فساد و اهمال ادى الى انهيار تام لجميع مرافق الوطن من خدمات صحية و تعليمية و بنية تحتية و ما الى ذلك، اليس هم هؤلاء الذين قادونا الي ما نحن فيه، كيف اذا لا نربط بين هذا و ذالك، بين ضرورة اصلاح ما تم افساده و حتمية تغيير القائمين علي هذا النظام. و لي هنا تساؤل عندما يحاول شخص ما اصلاح كيان ما؛ كم من الوقت يحتاج، كم من الادوات يحتاج و متي يعترف بأنه فشل؟ الا يوجد معيار للحكم على مثل هذه الامور؟ المعيار يجب ان يضعه الشعب و الشعب عازف تماما عن المشاركة.
الا يجب ان نحاسب النظام الحالي على ما فات، لقد كانت معهم كل المفاتيح، و كل الادوات المطلوبة و بلا منازع لاكثر من خمسين عاما، نعم فهذا النظام متصل منذ البداية، و يتحمل تراكم الاخطاء منذ البداية، فالوضع ليس وليد اليوم و لا الامس، انه حصاد الاستبداد و الإستئثار بالسلطة طوال الخمسين عاما الماضية

ان الدول الاخري تمنح حق الاقامة و العمل للوافدين المؤهلين، كما انها تمنحهم ما يفيد ذلك من مستندات تساوي بين المقيم و اي مواطن آخر على ارض الدولة في الحقوق و الواجبات كلها ما عدا حق المشاركة في ادارة الدولة، هذا الحق هو حق الانتخاب. أذا تخلي المواطن بكامل ارادتة عن هذا الحق، فهو اختار ان ينزل بنفسه من مرتبة المواطن الى مرتبة المقيم. هذا هو الوضع الآن، و انه في نظري لوضع خطير، لقد فقدنا الانتماء لهذا الوطن و اصبجنا جميعا مقيمين و لسنا مواطنين، و هذا هو جرس الانذار و ربنا يستر.

السبت، 1 مارس 2008

و عاد الزبال - اهلا بالزبال

بمنتهى الهدوء، و بدون اي صخب، عاد الزبال الي شوارع القاهرة بعد انقطاع دام بضعة اعوام ظل فيها يتابع عن كثب المحاولات البائسة لمزاحمته في جمع القمامة. ظل يراقب الشركات التي اوكلت اليها الحكومة تلك المهمة، اذ كنا نراه قابعا بقفته المعروفة، منكبا على صناديق الشركة ليقوم بفرز القمامة كسابق عهده و ترك ما لا ينفعه منها على الارض بجوار الصندوق حلالا بالالا للقطط و الكلاب الضالة، ظل مترقبا اليوم الذي سترفع فيه الحكومة الراية اليضاء و تعلن عجزها عن جمع القمامة. و قد حل هذا اليوم، و انتصر الزبال علي الدولة، تلك الدولة التي ظنت انها تستطيع ان تأتي بالبديل الاحسن و العصري، ففرضت الضرائب علي الناس في صورة رسوم نظافة تضاف على فواتير الكهرباء لتتمكن من التعاقد مع شركات اجنبية تقوم بجمع قمامة المصريين.

حاول الزبالون الاجانب، و لكنهم فوجئوا بأن القمامة تزيد و لا تنقص، كلما جمعوا اكثر، ياتي الناس بقمامة اكثر، و صارت اطنان القمامة تعلو في ارقي احياء القاهرة. و بدأت المشاكل، شكاوى و اتهامات متبادلة بين الشركات و الحكومة متمثلة في المحافظات الي ان انتهي الامر بفسخ عقود الشركات الاجنبية، التي نتج عنها قضايا دولية منظورة في المحاكم بالخارج و التي اغلب الظن انها ستكلف الدولة اعباء اخري في صور تعويضات لفسخ العقود.

و اليوم، بعد ان استسلمت الدولة و رفعت الراية البيضاء، و بهدوء، و بمنتهى النبل و الكرم و بلا اي شماته، يتقدم الزبال الوطني المخلص، لحمل قفة القمامة من جديد، و العودة الي اداء المهمة التي عجزت اجهزة الدولة عن اداءها.

ان القصة السابقة اكبر دليل على عجز الحكومة الحالية، كما عجزت كل الحكومات التي سبقتها عن ادارة شئون البلاد. هذه ليست قصة منفردة نسردها وسط نجاحات مدوية و انجازات خارقة، بل هي سطر جديد في سجل الاخفاقات الطويل الذي مل المصرييون من حصر بنوده، ان اي من محتويات هذا السجل يكفي لاقالة الحكومة في اي دولة من اي عالم اول كان ام ثالث، و لكننا في مصر اعتدنا فشل الحكومة حتي اصبح هذا الفشل هو طبيعة الحال، و بالتالي فنحن لا نحاسبهم عند الفشل، بل نكتفي بمص الشفاة و الترحم على ايام زمان. اي زمان هذا، لا احد يدري، و لكن بالتأكيد الترحم على الزمن الماضي هو اوقع من تمني مستقبل مشرق، نعرف جميعا انه لن يأتي على ايدي هذا النظام.