آخر الأنباء

« »

الأحد، 31 يوليو 2011

الدولة المدنية، اشمعنى!!!!


<p>More than one million protesters taking part in the Unity and People's Will protest, Tahrir Square, 29 July, 2011. Political parties as well as Islamist groups called for a million-member rally to unify demands. However, Islamists dominated the square and shouted Islamic slogans.<br />
 </p>
الجمعة الماضية كانت يوما فارقا في طريق التحول الديموقراطي الذي بدأناه يوم 25 يناير و ذلك لعدة اسباب:
انا ارى انها كانت جمعة وضع النقاط على الحروف، لقد تحدد بما لا يدع مجالا للشك ان في مصر الآن تياران، التيار الذي اسميته انا التيار المحافظ، و الذي يطلق على نفسه تيار القوى الاسلامية.  ذلك التيار الذي اختار ان يظهر الآن في استعراض واضح لقدرته على الحشد في مليونيه جديدة اراد بها تبليغ رسالة الى اطراف عدة اهمها المجلس الاعلى للقوات المسلحة. فبالرغم من ان ظاهر هذه المليونيه هو التأكيد على تأييد هذا التيار للمجلس الأعلى، إلا ان الرسالة كانت رسالة تحذيرية رافضة توجه المجلس لإصدار وثيقة اعلان المبادئ  الفوق الدستورية، التي توافقت عليها القوى الوطنيه بما فيهم الاخوان المسلمين انفسهم.
أن هذا الرفض يضع محل شك نوايا التيار الاسلامي او المحافظ و مدى التزامهم بأن المرحلة القادمة هي مرحلة توافق بين كافة القوى و الاطياف السياسية في مصر لتحقيق الهدف المنشود، بل اكاد اجزم ان الوضع اصبح من الخطورة بأن اعلانهم الرفض التام لهذه الوثيقة و استخدامهم للغة التهديد الصريح في حالة اقرار المجلس هذه الوثيقة يضع المجلس الاعلى للقوات المسلحة في وضع لا يحسد عليه، هل يستطيع المجلس الاعلى الوفاء بالتزامه بتسليم الدولة لسلطة مدنية منتخبة و الدخول في مواجهة مباشرة و مبكرة مع التيارات المتشددة؟ أم سيرضخ المجلس الاعلى لتهديدات يوم الجمعة الماضية و يحيد عن التزامه بعدم السماح لفئة بالقفز على السلطة؟؟
السبب الثاني الذي يضع اهمية بالغة لأحداث الجمعة الماضية هو كشف مدى تفتت القوى الأخرى الداعية لما سميناه بالدولة المدنية، او من يطلقون على انفسهم القوى الليبرالية.  لقد ظهرت تلك القوى جميعا كاللاعب الهاوي الذي يقابل لاعبا محترفا في مباراة غير متكافئة فأخذ يندد بالحكم.  لقد كشفت احداث يوم الجمعة عن خطورة و دقة وضع القوى الليبرالية و هو وضع لا نحسد عليه!!  اثبتت الجمعة الماضية ان تلك القوى لم تعي درس 19 مارس و لم تعمل لتلافي اخطائه بل لجأت لنفس الاسلوب في المواجهة و الذي سيؤدي حتما في كل مرة الى نفس النتائج.
الحل يا سادة في الخطاب الذي يمكن لنا ان نواجه به الخطاب الديني المتشدد و الداعي لأسلمة الدولة على غرار بعض الدول التي رفعت اعلامها يوم الجمعة الماضية.  و حتى يتسنى لنا ذلك، يجب ان يتحول الحوار الى حوار سياسي و ليس حوار ديني، يجب الا نستدرج الى ملعب الدين الذي يتفوق فيه المشايخ قبل بدء الحوار. و يجب ان يكون الحوار حول برامج سياسة عملية تمس حياة المواطن العادي.
و لكن قبل هذا و ذاك، لا سبيل غير وحدة صف القوى المواجهة للتيار المحافظ، و ترك الاختلافات و تنحيتها جانبا، و العمل على تكوين جبهة موحدة تعمل وفق برنامج واضح و معلن، و تكون من القوة بان تطرح على المواطن منهجا يفسح المجال للدين ان يأخذ مساحته في قلبه و يوقره و يجله، و لكن في ذات الوقت، يضع خطة واقعية قابلة للتطبيق هدفها تحقيق اهداف الثورة التى خرجنا جميعا ننادي بها و هي الخبز و الحرية و العدالة الاجتماعية.
ارى ان علينا ان ننتظر رد المجلس الاعلى للقوات المسلحة، و سيأتي هذا الرد ضمنيا في رسالتين: الاولى هي يوم 3 اغسطس حين يمثل الرئيس المخلوع امام القضاء، فتتجدد الثقة في قيادة المجلس للدولة في المرحلة الانتقالية، اما الثانية فهي كيف سيجدد المجلس التزامه للشعب بالدولة المدنية التي وعدنا بها.  حينئذ، سنقف جميعا صفا واحدا متراصا خلف المجلس داعمين له و مساندين له حتى يعبر بنا الى بر الامان

الأربعاء، 27 يوليو 2011

رحلة تاكسي


اليوم كنت على موعد مع لقاء ممتع مع واحد من الناس، سائق تاكسي مصري اصلي يتمتع بخفة الظل المصرية المعروفة، و بالإضافة لحكمة سائقي التاكسي التي طالما اذهلتني. فكم من الافكار تأتي من الشارع، و من افضل من سائقي التاكسي لتجميع رأي الشارع.
تحدثنا كثيرا في امور عدة، لقد كان المشوار اليوم من مصر الجديدة حتى المهندسين، و لكنني لم اشعر بطول المشوار على الاطلاق.  سالته في البداية عن سيارته الصينية الصنع و عن مدى رضاه عنها و عن مشروع التاكسي الجديد، لم احتاج الى كثير من الكلمات، بل كأنني ضغط على موضع الالم، لقد سالت من فم الرجل انهار و انهار من السباب و الشتائم في حق وزير المالية السابق و بين وصلات السباب بعض الكلمات لتوضيح ما يؤكد لي الرجل انها الحقيقة بعينها، بدأت قصة الرجل بان “الحكومة” خدت منه عربيته البيجو اللي كانت حالتها زي الفل و مش مكلفاه غير الزيت و البنزين، اللي كمان كان 80. و حسبوها ب خمسة آلاف جنيه، في حين ان تمنها بره ستين الف جنيه، و يستطرد الرجل منبها اياي عن السبب الرئيسي وراء المشروع:  “الاجنصات اللي حالها واقف اشتغلت، و البنوك اللي حالها كان واقف علشان الازمة المالية اشتغلت، و احمد عز خد العربيات القديمة حديد و ببلاش، يعن كله كسبان، و قالولنا ان القسط هيجيبوا شركة اعلانات تدفع نصه! دلوقتي شركة الاعلانات انسحبت، و السواق الغلبان هو اللي شال الليلة.
بغض النظر عند دقة ما سرده و لكن انا أتساءل اين شركة الاعلانات التي كانت ستتحمل تكلفة الاقساط عن كاهل السائقين؟  لقد فرض النظام السابق على السائقين استبدال سياراتهم القديمة، و لكن كان يجب ان يكون المشروع مجدي للسائق، اما بعد انسحاب شركة الاعلانات، و هي بالمناسبة انسحبت قبل الثورة، فتركت المشروع ليس فقط غير مجدي للسائق، بل هو الخراب بعينه، فمن اين يأتي السائق بمبلغ لا يقل عن 1300 جنيه كل شهر هي ثمن القسط بالإضافة الى مصاريف السيارة من صيانة و بنزين و خلافه، و هي حسب كلامه لا تقل عن 1500 جنيه اخرى في الشهر. اي المطلوب من السائق الآن ان يتحصل على ما لا يقل عن 4000 جنية، اي بواقع 130 جنيه على الاقل في اليوم حتى يتسنى له العيش عل حد الكفاف.
المذهل في الامر، هو نظرته الفلسفية لما يجري في البلد، لقد حاكم هو النظام السابق و اعلن الحكم العادل من وجهة نظره، و التي ارى انه فعلا الحكم الامثل على كل رموز النظام السابق.  فكرة صديقي سائق التاكسي تتلخص في الافراج عن كل افراد النظام السابق، و مع تخصيص معاش 300 جنيه في الشهر لكل منهم، و تركهم ليتذوقوا مرار العيش الذي سببوا للملايين فيه، قال لي:” انا عايز سوزان بقى تلبس الجلابية السودا و تنزل تقف في طابور المعاشات قدام البوسطة من الساعة ستة الصبح للساعة ثلاثة بعد الضهر علشان تتحصل على المعاش. انما الاعدام و السجن دول راحة بالنسبة لهم.
و شهد ايضا محمد صديقي على ثورة التحرير و قال: “حالي واقف و الشغل مفيش من يوم 25 يناير، و سمعت ان بيدوا فلوس و كنتاكي، روحت قلت آكل انا الكنتاكي و آخذ الفلوس للعيال، روحت لا لقيت كنتاكي، و لا لقيت فلوس، لقيت ناس في ايده رغيف واحد و بيقسمه مع اللي جنبة اللي ميعرفوش، و احد جايب بلح، و بيعزم على الناس، و محدش بياخد اكتر من بلحة، بصراحة لقيت جو مشفتوش قبل كده، بقيت اروح كل يوم”
استمتعت بالرحلة ايما استمتاع، و تركت الرجل بعد ان تواعدت معه بأن القاه مجددا، و طلبت منه الا يترك حقه مرة اخرى و ان يتأكد من كل من حوله يحسنون اختيار من يمثلوهم و يحكمونهم.
و بصراحة تركته و انا متطمئن على مصر