آخر الأنباء

« »

الأربعاء، 3 أبريل 2013

افعلها ارجوك



عندما آلت الامور في روما الي يوليوس قيصر بعد القضاء علي حكم الجمهورية في روما و انفراده بالسلطة مستندا الي شعبيته الطاغية التي اكتسبها من انتصاراته و فتوحاته.  كان في نظر الرومان بطل مغاوار و حاكم قوي.  كان قيصر عندما يخرج الي الناس مخاطبا يواجه بالنداء و التشجيع و الهتاف بحياته الي درجة تسكر العقول و تسلب الالباب.  و لكن لحكمة قيصر تنبه سريعا لتأثير هتاف الجماهير و وقعها علي اذنه و قلبه، و كيف ان هذا التمجيد قد يطيح برجاحة عقله و حسن رؤيته للامور؛ فما كان من الحاكم الحكيم الا انه كلف احد اتباعه بمهمة وحيدة و هي الهمس في اذنه كلما علا الهتاف له بجملة :"تذكر انك بشر"، فيعود الي الارض مرة اخري و يتذكر انه انسان فاني و ان الناس هتفت لغيره مثلما هم يهتفون له، فلا يفقد عقله.

و نري ايضا في الادب الانجليزي القديم و في اعمال الكاتب المسرحي شكسبير شخصية من اقرب الشخصيات الي الملك في البلاط، و هي شخصية مهرج الملك، و كثيرا ما كنا نقرأ علي لسان هذه الشخصية نقدا لاذعا للملك لا يجروء عليه اي من حاشية البلاط، و لكنه كان يقبل من مهرج الملك بل نري ان لمهرج الملك رؤية و ذكاء خارق و قدرة علي التأثير علي الملك اكثر من اي شخص آخر.

اما اليوم، و في ظل التطور الحضاري الذي طرأ علي البشرية نتيجة تراكم خبرات و حضارات تطور هذا المفهم الي مبدأ راسخ في الدول الديموقراطية الحديثة و هو حرية الراي و التعبير المطلقة.

نمر في مصر الآن بمرحلة فارقة في تاريخنا، و لا اكاد ابالغ ان نجاحنا في تخطي هذه المرحلة بنجاح يعتمد في الاساس و فقط علي اطلاق حرية الراي و التعبير بلا اي حدود او قيود، و تقبل سلبيات هذه الحرية و التعامل معها بمزيد من الحرية و ليس العكس.  ان حرية الرأي و التعبير هي كتلة واحدة لا تقبل التجزئة، هي قائمة علي ان ما تستسيغه انت قد يكون قاسيا علي، و لكن ليس من حقي ان افرض عليك ما ارضاه انا؛ فقط لان في يدي السلطة، فمن الممكن ان تتغير الامور و تؤل السلطة لك غدا، عنئذ هل ساغير من موقفي تجاه حرية الرأي؟  

ان ما نراه اليوم من صراع بين نفوذ متزايد للاعلامي باسم يوسف و الهجوم الشرس من اجهزة الدولة لملاحقته مستخدمين سلاح البلاغات للنائب العام يعد هو جوهر التحول الديموقراطي، نحن الآن امام خيارين، اما ان نقف في صف حرية الرأي و التعبير حتي و ان لم نستسيغها، او نعود سريعا لسنوات القمع و التخويف التي ثرنا عليها منذ عامين.  أتوقع ان الشعب المصري الآن لن يعود الي ذلك القمقم مرة اخري، و اتوقع ان اي معارك ستخوضها الدولة ضد حرية الرأي و التعبير مآلها مزيد من الفشل و مزيد من العصبية في الآداء و مزيد من الانقسام.

سيدي الرئيس، اليك مقترح اقدمه اليكم و انا علي ثقة من انك ان فعلتها لوحدت البلاد شرقا و غربا، و ستصبح رئيسا لكل المصريين و تبعث برسالة طمئنة للجميع و هي  انك تفعل مثل ما تقول.  ادعوك سيادة الرئيس للظهور في برنامج باسم يوسف في لقاء خاص يتم تسجيله في قصر الرئاسة لتظهر علي الناس مؤيدا لحرية الرأي حتي من اشد منتقديك.  كل من يتفق مع منهج باسم يوسف هو مازال مصريا و انت مازلت رئيسه كما انت رئيسا لمؤيديك، و هذه اللفتة ان فعلتها ستصبح بحق رئيسا للمصريين جميعا.

افعلها ارجوك