آخر الأنباء

« »

الأربعاء، 13 ديسمبر 2006

الشرطة و الشعب و الوطن

تهتم نظريات إدارة الاعمال الحديثة بشعارات المؤسسات اهتماما بالغا، حيث يعتبر اختيار الشعار المناسب للمؤسسة أحد أهم عوامل النجاح و ذلك لأن الشعار ينقل الى متلقي الخدمة صورة عن أولويات المؤسسة التي يلجأ اليها لقضاء مصلحة ما. الشعار، بطريقة غير مباشرة يعطي انطباعا عن نوعية الخدمة المتوقعة و بالتالي يشكل التوقعات لدى العميل أو المتلقي.

و الشعار في نفس الوقت ينقل للعاملين بالمؤسسة التوجه العام لأرباب العمل، فمن المؤكد أن أختيار الشعار سيؤدى حتما الي سياسات و آليات تترجم عن طريق العاملين الي خدمات للمتلقي حسب ترتيب اولويات تلك المؤسسة.

أذا مما سبق نستطيع ان نري أهمية شعار المؤسسة و تأثيره (سواء كان المباشر او غير المباشر) على متلقي الخدمة و العاملين كل على حدة.

لا استطيع أن اتذكر متي تم تغيير شعار الشرطة من الشعار السابق "الشرطة في خدمة الشعب" الى الشعار الحالي "الشرطة و الشعب في خدمة الوطن"، لكني اتذكر جيدا الشعار الاول معلقا على كل اقسام و نقط الشرطة في انحاء البلاد، بل أتذكر "الايام الحلوة" عندما كان الشعار القديم محل التنفيذ، تلك الايام التي كنا ننام على صوت عسكري الدورية صارخا "هاه مين هناك" ليكسر هذا الصوت وحشة الليل في شارعنا المظلم بإحدى مناطق الاسكنرية. أما الشعار الجديد فلا يثير في نفسي إلا العجب!!!

السؤال الاول هو لماذا؟ لماذا التغيير؟ ما الذي استدعى تغيير الشعار الملتصق في أذهان الناس و أرواحهم لأنه يبعث الطمأنينة في قلوبهم، و اقتدى به رجال الشرطة فحل الامن بالبلاد. هل سبب التغيير هو استعفاف فئة ما من رجال الشرطة من أن يكونوا في خدمة الشعب. هل خدمة الشعب اصبحت عمل يتأفف منه رجال الشرطة، ام ان اولويات هيئة الشرط قد تغيرت؟؟؟!!!!! و إذا كانت قد تغيرت اولويات الهيئة، فإلي ماذا؟؟؟!!!

الاجابة اقرب الينا مما نتخيل، فطبقاّ لنظريات الادارة الحديثة، فنحن فقط في حاجة الى تأمل الشعار الجديد لنعرف أين هي أولويات الشرطة و مفردات العصر الجديد.

يقول الشعار الجديد: "الشرطة و الشعب في خدمة الوطن!!!" فما هو هذا الوطن إذا تجرد من الشعب، بمعنى ماذا يبقى في الوطن بعد الشعب، أكاد اجزم (و هذا رايي) ان الوطن المقصود هنا هو النظام، فبعملية حسابية بسيطة نطرح الشعب من الوطن (لأن لا يمكن ان يقصد الشعار ان يقوم الشعب بخدمة نفسه!!) فيبقى النظام الحاكم منفردا بالوطن مستأثراّ بخدمة الشرطة و الشعب معاّ.

اذا وضعنا المعنى السابق للشعار نصب أعيننا و نحن نراقب الوضع الامني للشارع المصري حالياّ، سنجد ردوداّ كثيرة علي اسئلة طالما طرحناها دون اجوبة أو حتى محاولة لرد شافي. سنفهم فوراّ النظرة الدونية التي يتعامل بها بعض رجال الشرطة مع المواطنين أو "الشعب" حسب الشعار. سنجد كل التفسيرات التي كنا نطالب وزارة الداخلية بها عن أحوال المرور، الأمن العام، البحث الجنائي، أو قوات النجدة أو عن علاقة الشرطة بالشعب.

الأجوبة كانت امامنا طوال الوقت معلقة فوق الاقسام علي لافتات تتحدى "الشعب" و تستعلى على خدمته.

أعيدو الشعار الي ما سبق حتى تستقيم الامور...