آخر الأنباء

« »

الاثنين، 11 أبريل 2011

طب يعني ايه حرية


من اجلها سالت دماء كثيرة على مر العصور، و اجتمع الناس جميعا على أنها تسبق الخبز في الأهمية، يقاتل من اجلها الفقير قبل الغني، و يضحي في سبيلها الشيوخ قبل الشباب، إنها قيمة غريزية خلقها الله سبحانه في الإنسان، بل في الحيوان أيضا.

بالرغم من بساطة مفهومها، ألا انه مازال هناك من يختلف على تعريفها، بل هناك من يرى أن الحرية تمنح من فئة إلى فئة، أو من حاكم لمحكومين، و هناك من يرى انه أولى بالحرية من غيره، و يعدد لذلك الأسباب.

مقولة جورج اوروول الشهيرة التي وردت على لسان نابليون الخنزير في كتابه الرائع مزرعة الحيوانات: "كل الحيوانات متساوية، و لكن هناك من هم متساويين أكثر"، هي جملة عبقرية ترسم فكر بعض من هم لا يفهمون معنى الحرية، أو من يريدون استعباد الآخرين مستغلين سعي الإنسان الأبدي للحرية.

الطبيعة البشرية تدفعنا دائما للخوف مما لم نألفه، فبعد عقود من غياب الحرية، و القيد في الظلام، جاءت ثورة يناير لتحررنا من الأغلال و تفتح لنا طاقة النور لنخرج و ننعم بنسيم الحرية، و لكن من الطبيعي أن نتوجس من ما هو في الخارج، بل من المطابق لطبائع البشر أن نأتمن لمحبسنا الذي ألفناه رغم مقتنا له، مقابل خوفنا من المجهول الذي ينتظرنا بالخارج!  

إن تعريف الجهاد الأكبر على انه جهاد النفس لهو أدق ما يصف هذا الشعور، فجهاد القتال و النزال لا يحتاج إلى العقل و الحكمة، أما جهاد النفس، فهو نزال بين الإنسان و نفسه، و هذه هي الشجاعة الحقيقة.

إن الحرية التي اقتلعناها من رحم النظام السابق يوم 11 فبراير ما زالت وليدة و تحتاج لكل دعم و رعاية حتى تنموا و تترعرع لتصبح شجرة كبيرة تظلنا جميعا.  و لكن علينا أيضا أن نعلم، إن تلك الحرية لم تأتى بثمن بخس، لقد سالت في سبيلنا إليها  دماء خيرة أبناء الوطن، و أنا لا اختص الشهداء الذين سقطوا في يناير 2011 فقط، بل كل من مات و سقط من اجلها منذ فجر الحضارة المصرية حتى اليوم، فشهداء 73 سقطوا من اجل أن ننعم بوطن حر، و شهداء 67 سقطوا ضحية الالتفاف على الوطن الحر، و من قبلهم شهداء 1919 و شهداء ثورة عرابي و لا استثني من ذلك شهيدا.  
تأخرت الحرية في بلادي سبعة آلاف سنة و ضحى الكثيرون بحياتهم من اجلها، فليس من حق احد أن يفرط في بوصة واحدة منها، الثمن كان باهظا، و لن نستطيع دفعه مرة أخرى.

و كيف إذن نحافظ على حريتنا الوليدة، الإجابة تكاد تكون بديهية، لقد ناضل الشعب من اجل أن يكون أمره بيده، و يجب أن يظل أمره بيده، لا يجب أن نقع في فخ استئثار فئة على أخرى أو سيطرة جماعة على مقدرات الشعب إلى الأبد.  يجب أن نحرص على أن يكون للشعب السلطة الأعلى، مع وضع الضوابط التي تتيح للشعب من يتولى عنه هذه السلطة لإدارة شئون البلاد، و ليس لتملكها، فالبلاد ملك الشعب، هو من يقرر وحده من ينيب عنه في الإدارة بطرق عملية و منطقية.

أن ذلك لن يتسنى حتى يكون لنا دستور يرقى لتلك الأحلام المشروعة، هذا الدستور ليس عقدا بين الحاكم و المحكوم فقط، بل هو العقد بيننا جميعا، و يجب أن يقف هذا الدستور على الحياد من كل الطوائف و الجماعات، يمنحها حقوقها بنفس المقدار و يقر عليها واجباتها بالتساوي.


إن الاتفاق على هذه المبادئ الأساسية لهو كفيل بأن يحفظ لنا حريتنا التي هي حق انتزعناه، و حلم نسعى لتحقيقه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق